51313343512557297292729729434355343

الصيام والقرآن

الصيام والقرآن:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183].

هناك علاقة وطيدة بين الصيام والقرآن، فالله سبحانه وتعالى قال: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة:185]، «الصيامُ والقرآنُ يشفعانِ للعبدِ يومَ القيامةِ»(صحيح الجامع؛ برقم:3882)، والآيات والأحاديث كثيرة.

فما هي هذه العلاقة؟

بداية أحب أن أذكر أن القرآن هو المنهج والدستور، والهادي إلى صراط الله المستقيم، فيه صلاح الفرد، وصلاح المجتمع، بل وصلاح الكون كله، وما ضلت الأمة وذلت إلا بالتخلي عن القرآن، والله سبحانه وتعالى جعل فيه الهدى للناس جميعًا، كما قال: {الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ} [البقرة:185]، ولكن جعل فيه الفلاح لفئة معينة؛ كما قال في أول سورة البقرة: {أُولَٰئِكَ عَلَىٰ هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة:5]، والفلاح غير النجاح، لأن الفلاح في الدنيا والآخرة، فسعادة في الدنيا، وفوز بالجنة في الآخرة، نسأل الله أن نكون منهم.

ولكن حتى نكون من المفلحين هؤلاء هناك صفات يجب أن نتحلى بها، ذكرها الله سبحانه وتعالى في الآيات السابقة لهذه الآية، وهذه الصفات هي: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ. وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة:3-4]، الإيمان بالغيب، وإقامة الصلاة، والإنفاق، والإيمان بالقرآن، والكتب السابقة، والإيمان باليوم الآخر.

وهذه الصفات جميعها يدربنا عليها الصيام، فأهم صفة يدربنا عليها أن نكون من المخلصين، فلا يستطيع صائم أن يأكل أو يشرب حتى ولو غاب عن أعين الناس، لأنه يعلم أن الله يراقبه، والإخلاص هذا يقوي إيماننا بالغيب، وما عند الله من ثواب وعقاب، ويقوي إيماننا باليوم الآخر، كذلك يدربنا الصيام على إقامة الصلاة، فنجد أن ثواب الفريضة يتضاعف، وأيضًا ثواب النافلة، فنجد الناس مقبلين على الصلاة، وعلى بيوت الله بشكل غير مسبوق، وغير معهود

وهنا أقول: "وضع الله شروطًا للاستفادة من القرآن الكريم، هذه الشروط جميعها يدربنا عليها الصيام، وخاصة إذا ما كان إيمانًا واحتسابًا لله عز وجل.

وحينما نقرأ الآية السابقة لهذه الصفات نجد الله يقول: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة:2]، وعندما فرض الله علينا الصيام قال سبحانه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183]، فالهدف من الصيام أن نحقق التقوى، ونحقق التقوى لنكون على هدى من القرآن الكريم، ونكون على هدى لنكون على الصراط المستقيم، ونسير على الصراط المستقيم ليكون قلبًا سليمًا خاليًا من الأمراض، وبذلك نصل إلى القلب السليم، وقد قال الله: {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ. إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 87-88]".

وفي النهاية أقول كما قال الشافعي: "العبادات معللة بمصالح العباد"، فعندما فرض الله علينا الصيام، فلأنه يعلم أن فيه الخير، وفيه الصلاح لنا في الدنيا والآخرة.

فَأَقْبِلُوا على شهر رمضان بروح جديدة، وبقلب مستعد للتغيير والإصلاح، ليستفيد من نفحات الله في هذا الشهر، ولتكن قراءتنا للقرآن قراءة تدبر، لا قراءة تسارع في ختم القرآن، ولنعاهد الله في هذا الشهر أن نستقيم، وأن نكون من عباده الصالحين، لعل الله أن ينظر إلى صدورنا فيشرحها للإسلام والهداية

  1. التدوينة التالية
  2. التدوينة السابقة
    blogger
    facebook
جارى التحميل ...

تابعنا على تويتر

تابعنا على فيسبوك