.
من عبق رمضان
اشغِل نفسَك بالقَبول لا بالأعمال، فعملٌ مردود كالمولود ميتًا .. ! قال ابن رجب الحنبليّ، رحمه الله: ( إخواني .. المُعَوَّل على القَبول لا على الاجتهاد، والاعتبارُ بِـبِـرِّ القُلوب، لا بعمَل الأبدان ! رُبَّ قائم حظُّه مِن قيامه السَّهر ..كم مِن قائمٍ مَحـــروم، وكم مِن نائمٍ مَرحــــوم .. ؟! هذا نامَ وقلبُه ذاكِـــر، وذاك قامَ وقلبُه فاجـــر ! إنَّ المقاديرَ إذا ساعدَتْ؛ ألحَقَت النائمَ بالقائم .. ! لكنَّ العبدَ مأمورٌ بالسَّعي في اكتسابِ الخيرات، والاجتهادِ في الأعمال الصالحات، وكلٌّ مُيَسَّر لما خُلق له ). [انظر: لطائف المعارف] قلتُ : وعلى هذه تدور رَحى سعادتك ورِبحك، دنياك وأخراك ! فالقبولَ القبول .. اجعله همَّك وشُغلك ما حَييت، فعبدٌ شغلته صورة أعماله عن همّ قبولها؛ مَغبونٌ خاسر كيف لا ..؟! وقد كان همّ الأنبياء والمُصطفَين الأخيار .. ! ها هو إبراهيم الخليل والذبيح إسماعيل _ عليهما السلام _ يرفعان قواعد بيت الله الحرام، حيث أشرف الأعمال، وأتقى العُمّال، والتكليفُ بوَحي ذي الجلال .. فلا أطيب من هكذا دلائل؛ على ضمان الأجر والقَبول ! ومع ذلك يفزع النبيّان الكريمان بعد التمام إلى ماذا .. ؟! إلى رجاءة القَبول لا غير: { وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }. لمَّا قرأها بعض السَّلف بكى، وقال: ( هذان نبيّان كريمان يخافان ألا يُتقبَّل منهما، فكيف بنا وبأمثالنا .. ؟! ). فسَل اللهَ القَبول ما حييتَ، وخُذ بأسبابه من التقوى والإخلاص، فإنما { يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ }.
# أبوفهر المسلم